ليس من عادتي طرح السؤال الخاطئ.. فكل شيء بالحياة له أن يشكل سؤالاً.. ولا يجب على الإنسان أن ينشغل بكل هذه الأسئلة ولا حتى أدنى الإنشغال كأن يتساءل “لم هذا السؤال؟” أو “كيف كتب السؤال؟” ولا حتى “من وبماذا أجابه”.. ليس كل سؤال مطروح يستحق الإجابة.. ولا كل إجابة موجودة تستحق السؤال عنها.. إذ لا عجب من وجود الأسئلة ولا شك أن لكل شيء ولكل سؤال جواب جهلك به لا يلغي وجوده إطلاقاً.. لكن السؤال الوحيد الجدير بأن يطرح
“هل هذا السؤال لي؟”
هل أنا ولو بعد جهدٍ جهيدٍ قاهر.. أو بعد أن أدفع روحي وعمري ثمناً قادر على إجابته؟
—————-
أؤمن أن كل منا كلمة.. الانسان كله بكل كيانه وزخم شعوره وفكره وذاكرته.. كلمة واحدة ..
..هي لعبة
مثل (السكرابل) تماماً لكن بلا جولات.. إذا ولدت إذاً أنت الآن على طاولة اللعب -ادركت هذا أو لم تفعل- وقد وهبت مسطرة من الحروف القليلة المبعثرة.. موزعة بعدل مطلق مهما بدا لك حصولك على حرف الهمزة غير عادل.. ومهما استفزك حصولك على حرفين متشابهين.. ومهما خنقك اجتماع الضاد والظاء على مسطرتك.. ومهما اربكك عدم حصولك على أية حروف علة..
وستجري اللعبة بلا دور.. الانتظار ليس إلزامياً.. عدد اللاعبين يفوق استيعابك ولا يذكر لك أو يعنيك.. مهمتك التركيز على اللوحة .. اللوحة ولا شيء غير اللوحة.. راقبها وتفكر بكل حرف ينزل عليها.. وكل حيز يؤخذ منها.. وكل زلة توثقها.. وكل عبقرية تخلدها
راقبها بحرص واسأل نفسك.. متى.. أين.. وكيف.. استطيع نظم هذه الحروف لتكون وتكوِّن المعنى الناقص..أو ربما كل المعنى.. ليعرف مغزاها.. لأؤدي أمانتها.. و أفرغ.. نعم كيف أفرغ منها .. لكن بنفس الوقت.. أغنى وأغتني بها حياة سرمدية أبدية.. بعد أن يهوي ويسقط عني كل ما حولي من وهم وزينة وأجرد من كل شيء..
لذا قبل أن تعجل بمحاولة صياغة الحروف وإيجاد معنى عشوائي لها وبذلها لتجيب هذا السؤال الذي واجهك وتملأ الفراغ الظاهر على اللوحة.. تساءل أولاً.. “هل هذا السؤال لي؟!”.. هل أُجلِستُ وأُعطِيتُ الأحرف وأُنظِرتُ وانتظرت لأجيب هذا السؤال؟
ثم أعد السؤال مليون ألف مرة.. لا تعجل خوفاً من أن يسبقك إليه أحد.. لكل واحد سؤاله..
.
فنحن نعبث.. نعم لكن الأحرف عادلة.. ومقصودة.. والقوانين بينة.. واضحة
واللوح شاهد
اللوح شاهد
اللوح شاهد
فلا تكن الإجابة الخاطئة..لا تسابق لإجابة السؤال البديهي..
..ولا تكن الأحرف المهدرة
.